الاقليم يوقع عقودا جديدة مع شركات امريكية لاستثمار الغاز دون الرجوع الى بغداد ووزارة النفط تؤكد بطلانها وعدم الاعتراف بها
قناة الدولة الفضائية - بغداد
حرصت المواقع الرسمية ووسائل الإعلام التابعة لرئيس حكومة إقليم كردستان، مسرور بارزاني، منذ يوم أمس وحتى نهار اليوم، على إبراز توقيع عقدين جديدين لإدارة وتطوير حقول غاز في محافظة السليمانية، وذلك من خلال تسليط الضوء بشكل مكثف على الرموز الأمريكية في المشهد، مثل العلم الأمريكي، ومكان التوقيع في العاصمة واشنطن، وتكرار مفردات مثل "أمريكي" و"الولايات المتحدة" في التغطيات الإخبارية، في محاولة لإيحاء بأن الاتفاقيات أُبرمت مع الحكومة الأمريكية نفسها.
غير أن المعطيات الفعلية تشير إلى أن العقدين وُقِّعا مع شركتين خاصتين، الأولى هي شركة HKN Energy والثانية تُدعى غرب زاغروس ، وهما شركتان خاصتان احدهما مسجّلة في الولايات المتحدة والأخرى في كندا لكنها تنشطان فعلياً داخل الإاقليم كردستان العراق.
ويُنظر إلى اختيار واشنطن مكاناً لتوقيع العقود على أنه مسعى سياسي لمنح الاتفاقيات طابعًا دوليًا ورسميًا، وإيصال رسالة غير مباشرة بأن الزيارة تعادل زيارة دولة إلى الولايات المتحدة.
وتأتي هذه الخطوة في سياق تاريخ طويل من الخلافات بين أربيل وبغداد بشأن العقود النفطية وتصدير الموارد الطبيعية، حيث عانى الإقليم من تم تجميد صادرات الاقليم النفطية لنحو عامين نتيجة الخلافات المتعلقة بالعقود وطبيعتها وبالأسعار وآليات الدفع. حيث واجهت العقود السابقة انتقادات تتعلق بعدم الشفافية ومخالفة القوانين العراقية، مما أثار شكوكًا حول جدواها الاقتصادية والسياسية.
ويرى مراقبون أن البعد الإعلامي لهذه الخطوة لا يقل أهمية عن البعد الاقتصادي، إذ تُعد محاولة لصناعة صورة مفادها أن واشنطن تقف خلف الإقليم بشكل مباشر، وهو ما من شأنه التأثير على الرأي العام في العراق، خاصة في ظل الأوضاع السياسية والاقتصادية الراهنة.
في السياق ذاته، كشف وزير الثروات الطبيعية بالوكالة في حكومة إقليم كردستان، كمال محمد، عن إن الحكومة لم تتشاور مع بغداد بشأن هذه العقود، لكنه أشار إلى أن "العقود تصبّ في مصلحة العراق".
وبحسب تفاصيل الاتفاق، فإن العقد الأول مع شركة HKN يشمل تطوير حقل ميران الغازي، الذي يُقدَّر احتياطيه بأكثر من 8 تريليونات قدم مكعب من الغاز، وتصل قيمته السوقية إلى نحو 40 مليار دولار.
أما العقد الثاني فمُبرم مع شركة زاغروس غرب، لتطوير حقلي كوردمير وطوبخانة، ويحتوي الأخير على نحو 5 تريليونات قدم مكعب من الغاز، بالإضافة إلى 9 ملايين برميل من النفط، بقيمة إجمالية تقارب 70 مليار دولار، ليصل مجموع قيمة المشروعين إلى نحو 110 مليارات دولار.
وفي كلمة ألقاها من سطح أحد المباني الأمريكية، متعمّداً الوقوف أمام العلم الأمريكي، قال مسرور بارزاني:"أشكر (الشركتين الأمريكيتين) على استعدادهما لتوقيع هذين العقدين المهمين"، واعتبر أن ذلك يمثّل "بداية مرحلة جديدة من (العلاقات بين كردستان والولايات المتحدة)".
وأضاف: "يسعدني أن أكون هنا في واشنطن للإشراف على توقيع اتفاقيتين مهمتين تصبان في خدمة شعب كردستان والعراق".
كما عبّر عن قناعته بأن هذه الاتفاقيات تشكل نقطة انطلاق جديدة لتنمية الإقليم، مذكّراً بتاريخ (العلاقات بين كردستان والولايات المتحدة)، خاصة في سياق مكافحة الديكتاتورية والإرهاب، ودورها في تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة.
هذا في وقت أبدت أطراف كردية اعتراضها على قيام " حكومة تصريف الاعمال " في كردستان بتوقيع عقود استراتيجية مثل هذه حتى لو كانت برضا الاتحاد الوطني الكردستاني.
كما كشف خبراء نفطيون ان هذين الموقعين هما محل نزاع قانوني مع شركة نفطية أخرى مازال مستمرا في محكمة لندن .
من جانبها أكدت وزارة النفط ،اليوم الثلاثاء، بطلان عقود كردستان الخاصة باتفاقيات الطاقة الجديدة لاستثمار حقل "ميران" وحقل "توبخانة –كردمير" في محافظة السليمانية.
وذكرت الوزارة في بيان رسمي تلقت قناة ،الدولة، الفضائية نسخة منه أن "بعض المواقع الإخبارية تداولت خبر صادر من حكومة إقليم كردستان تضمن (اتفاقيات الطاقة الجديدة التي تبلغ قيمتها عشرات المليارات من الدولارات)"، مشيرة الى، أنه "نود أن نوضح رفضنا للإجراءات الخاصة بتعاقد وزارة الثروات الطبيعية في حكومة إقليم كردستان لاستثمار حقل (ميران) وحقل (توبخانة –كردمير) في محافظة السليمانية".
وأضافت الوزارة حسب البيان، أن "هذه الإجراءات مخالفة للقرارات الصادرة من محكمة التمييز الاتحادية، التي اشارت إلى عدم شرعية العقود المبرمة بعد صدور قرار المحكمة الاتحادية العليا في الدعوى المرقمة (٥٩ / اتحادية ٢٠١٢ وموحدتها ١١٠ /اتحادية ٢٠١٩)".
وأشارت الوزارة أنه "بالرغم من حاجة العراق لتعظيم استثمار الغاز وسد الحاجة المحلية لتشغيل محطات توليد الكهرباء في البلاد، إلا ان الإجراءات المتخذة من قبل حكومة الإقليم تعد مخالفة صريحة للقانون العراقي، فالثروات النفطية تعد ملك لجميع أبناء الشعب العراقي"، مؤكدة، أن "أي اجراء لاستثمار هذه الثروة يجب ان يكون من خلال الحكومة الاتحادية".
وتابعت، أنه "بناءً على ذلك تؤكد الوزارة بطلان هذه العقود استنادا للدستور العراقي وقرارات المحكمة الاتحادية".